أحكام الطلاق

أحكام الطلاق
المؤلف موووتر
تاريخ النشر
آخر تحديث
أحكام الطلاق
الطلاق في اللغة : التخلية ، وحل القيد .
وفي الاصطلاح : حل عقد النكاح بلفظ الطلاق ونحوه .

الأصل فيه الكتاب والسنة والإجماع ، قال تعالى: (الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) (229) سورة البقرة .

ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم : ( مره فليراجعها ثم ليتركها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ، ثم إن شاء أمسك بعد ، وإن شاء طلق قبل أن يمس ، فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء ) متفق عليه .

حكم الطلاق
· يباح الطلاق : عند الحاجة إليه كسوء خلق الزوجة ، والتضرر بها مع عدم وجود الغرض .

· يكره الطلاق : لعدم الحاجة ، بأن يكون حال الزوجين مستقيماً ، قال الوزير : أجمعوا على أن الطلاق في حال استقامة الزوجين مكروه ، إلا أبا حنيفة قال : هو حرام مع استقامة الحال .

· يستحب الطلاق : لتضرر الزوجة باستدامة النكاح في حال الشقاق ، وحال تحوج المرأة إلى المخالعة . ليزول عنها الضرر .
· يجب الطلاق : للإيلاء ، فيجب على الزوج المولي أن يطلق إذا أبى الرجوع عن الإيلاء .

· يحرم الطلاق : في زمن الحيض والنفاس وطهر وطئ فيه ، وإذا أمره والده لمصلحة .

أنواع الطلاق :
تنقسم أنواع الطلاق إلى أقسام عدة والذي يهمنا في بحثا هو نوع الطلاق من حيث الفرقة وهو بهذا الاعتبار ينقسم إلى قسمين :
أ- الطلاق البائن :
وهو : الطلاق قبل الدخول أو بعوض . أو استوفى عدد طلاقها . وهو الطلاق الذي لا يملك الزوج معه الرجعة إلا بأن تنكح الزوجة زوجا غيره .

ب – الطلاق الرجعي :
الرجعي هو الذي يملك معه الزوج مراجعة زوجته . ( والرجعية هي المطلقة بعد الدخول بلا عوض ولا استيفاء ) .

الفرق بين الطلاق البائن والرجعي :
هناك فروق كثيرة بين هذين النوعين من الطلاق نذكر منها ما تيسر جمعه :

1- الطلاق الرجعي لا يوجب الحرمة في الحال وأما البائن فإنه يوجب الحرمة .
2- الطلاق البائن يحرم المطلقة والرجعي لا يحرمها قبل أن تنقضي عدتها ولم تحصل الرجعة .
3- في الطلاق الرجعي يصح الخلع فيه ما لم تنقض عدتها بخلاف البائن .

قال في الإنصاف : ( .... وكان الطلاق بائناً احترازا من الطلاق الرجعي فإنه يصح الخلع مطلقا أعني قبل وقوع الطلاق وبعده ما لم تنقض عدتها ) .
4- في الرجعي يجوز الوطء أما البائن فلا يجوز الوطء معه .
5- في الطلاق الرجعي لا يجوز للمطلقة الخروج من بيتها بخلاف البائن فإنه يجوز لها ذلك .
6- الرجعي يحصل معه الظهار والإيلاء ونحوه بخلاف البائن .
7- في الطلاق الرجعي يحصل التوارث بين الزوجين بخلاف البائن .
8- البائن لا نفقة لها ولا سكنى إلا للحمل إن كانت حاملاً بخلاف الرجعية فإن لها النفقة والسكنى
9- الرجعي يحصل معه التوارث بخلاف البائن .

ممن يصح الطلاق ؟
يصح الطلاق من :
· الزوج المكلف .
· وممن مميز يعقل الطلاق . ولو كان صغيراً ما دام يعلم أن زوجته تبين منه .
* وأما من زال عقله بجنون أو إغماء ، أو نوم ، أو شرب مسكراً كرهاً ، أو أُكره ، فلا يقع طلاقه .

طلاق السكران
اختلف العلماء في وقوع طلاق السكران ، وللإمام أحمد رحمه في ذلك روايتان ، والراجح أنه لا يقع ، لزوال العقل . قال ابن القيم رحمه الله : زائل العقل إما بجنون أو إغماء أو شرب دواء أو شرب مسكر لا يعتد به ، واختلف المتأخرون فيه ، والثابت عن الصحابة – الذي لا يعلم فيه خلاف بينهم – أنه لا يقع طلاقه ...

طلاق الغضبان
اختلف العلماء في ذلك هل يقع طلاقه أم لا ؟
والراجح من الأقوال أنه إذا لم يغم عليه فلم يدر ما يقول فلا يقع الطلاق ، قال شيخ الإسلام : إن لم يزل عقله ويغيره الغضب لم يقع .
وفي الحديث : ( لا طلاق ولا عتاق في إغلاق ) رواه أحمد .
قال شيخ الإسلام : وحقيقة الإغلاق : أن يغلق على الرجل قلبه فلا يقصد الكلام أو لا يعلم به كأنه انغلق عليه قصده وإرادته .

وقال أيضاً : والغضب على ثلاثة أقسام :
أحدهما : يزيل العقل فلا يشعر صاحبه بما قال ، وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع .
الثاني : ما يكون في مباديه بحيث لا يمنع صاحبه من تصور ما يقول ومن قصده فهذا يقع طلاقه .
الثالث : أن يستحكم ويشتد به فلا يزيل عقله بالكلية ولكن يحول بينه وبين نيته بحيث يندم على ما فرط منه إذا زال فهذا محل نظر . وعدم الوقوع في هذه الحالة قوي متجه . [ زاد المعاد ]

أقسام الطلاق من حيث الزمن العدد :
الطلاق السني :

وهو بأن يطلق زوجته طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه ويتركها حتى تنقضي عدتها .
وهو ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى : ({يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ } (1) سورة الطلاق
و قال صلى الله عليه وسلم : ( مره فليراجعها ثم ليتركها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ، ثم إن شاء أمسك بعد ، وإن شاء طلق قبل أن يمس ، فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء ) متفق عليه .

الطلاق البدعي :

وهو أن يطلقها ثلاثاً في زمن الحيض أو طهر جامع فيه ، فبدعة ويقع الطلاق . قال الوزير وغيره : اتفقوا على أن الطلاق يقع في الحيض بمدخول بها وفي الطهر المجامع فيه ، محرم إلا أنه يقع .
وقال ابن المنذر : لم يخالف في ذلك إلا أهل البدع والضلال ، ولأنه عليه السلام أمر عبد الله بن عمر بالمراجعة ، وهي لا تكون إلا بعد الطلاق . أ.هـ

تنبيه : لا سنة ولا بدعة في طلاق الصغيرة والآيسة وغير المدخول بها ومن ظهر حملها .

ألفاظ الطلاق :
ألفاظ صريحة : كلفظ الطلاق وما يتصرف منه كطلقتك ، وطالق ، ومطلقة ... فيقع به الطلاق وإن لم ينوه ،

ألفاظ كناية وهي نوعان :
كناية ظاهرة : نحو أنت خلية أو برية ، وبائن وبتة ، وبتلة ، أي مقطوعة الوصل . وأنت حرة وأننت الحرج . وغطي شعرك وتقنعي ...
كناية خفية : نحو اخرجي ، واذهبي ، وذوقي ، وتجرعي ، واعتدي ،
والحكم في هذه الحالة أنه لا يقع إلا بنية وقرينة تدل على إرادة الطلاق ، قال شيخ الإسلام : لا يقع بالكناية إلا بنية . إلا مع قرينة إرادة الطلاق .

عدد الطلقات المسموح بها
لقد أباح الله تعالى للرجل أن يطلق امرأته ، وجعل له ثلاث طلقات فقط ، فإذا طلق الأولى والثانية فيباح لها مراجعتها ، وإذا طلقها الثالثة ، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غير زوجها .

قال تعالى : ({الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (229) سورة البقرة

وقال تعالى : ( فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) (230) سورة البقرة

وأما العبد فيملك اثنتين فقط .

حكم الطلاق الثلاث بلفظ واحد ؟
إذا قال الزوج لزوجته أنت طالق ثلاثاً ، فقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في هذه المسألة اختلافاً كبيراً فمنهم من يرى أن من طلق امرأته ثلاثاً بلفظ واحد فإنها تعد ثلاث طلقات .
ومن العلماء من ذهب إلى أنه يقع طلقة واحدة ومنهم وسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله ، وهذا هو القول المختار والراجح . والله أعلم .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : " وإن طلقها ثلاثاً في طهر واحد بكلمة واحدة أو كلمات مثل : ( أنت طالق ثلاثاً ) أو : ( أنت طالق وطالق وطالق ) أو : ( أنت طالق ثم طالق ثم طالق ) أو يقول : ( أنت طالق ) ثم يقول : أنت طالق ) أو : عشر طلقات أو مائة طلقة ، ونحو ذلك من العبارات فهذا للعلماء من السلف والخلف فيه ثلاثة أقوال ، سواء كانت مدخولاً بها أو غير مدخول بها :

أحدها : أنه مباح لا زم وهو قول الشافعي وأحمد في الرواية القديمة عنه اختارها الخرقي .
الثاني : أنه طلاق محرم لا زم وهو قول مالك وأبي حنيفة وأحمد ، اختارها أكثر أصحابه ، وهذا القول منقول عن كثير من السلف والخلف من الصحابة والتابعين .
الثالث : أنه محرم ولا يلزم من إلا طلقة واحدة وهذا القول منقول عن طائفة من السلف والخلف من الصحابة وهو قول كثير من التابعين ومن بعدهم وهو قول بعض أصحاب أبي حنيفة ومالك وأحمد .

وهذا القول ( الثالث ) هو الذي يدل عليه الكتاب والسنة ، وليس في الكتاب والسنة ما يوجب الإلزام بالثلاث بمن أوقعها جملة بكلمة أو كلمات بدون رجعة أو عقد . بل إنما في الكتاب والسنة الإلزام بذلك من طلق الطلاق الذي أباحه الله ورسوله . وعلى هذا يدل القياس والاعتبار بسائر أصول الشرع ...... إلى آخر كلامه رحمه الله .

* هذه المسألة قد حصل بسببها خلافات ونزاعات بل وعذب بسببها جمع من العلماء ، وعلى كلٍ فإن الخلاف فيها لا يوجب الثورات والخلافات خصوصاً وأنها مسألة فرعية .

ما يترتب علي الطلاق ؟
يترتب على الطلاق أحكام كثيرة منها :

1. وجوب العدة
إذا كان الزوج قد دخل بزوجته أو خلا بها.

أما إن طلقها قبل أن يدخل بها ويخلو بها، فلا عدة له عليها، لقوله تعالى: ( يأيها الذين امنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها)[ الأحزاب:49].

والعدة ثلاث حيض إن كانت من ذوات الحيض، وثلاثة أشهر إن لم تكن من ذوات الحيض، ووضع الحمل إن كانت حاملاً .
2. تحريم الزوجة علي الزوج إذا كان قد طلقها قبل ذلك الطلاق مرتين:
يعني: لو طلق زوجته ثم راجعها في العدة، أو تزوجها بعد العدة، ثم طلقها مرة ثانية وراجعها في العدة، أو تزوجها بعدها، ثم طلقها المرة الثالثة، فإنها لا تحل له بعد ذلك حتى تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا، ويجامعها فيه، ثم يرغب عنها ويطلقها، فإنها بعد ذلك تحل للأول، لقوله تعالى: ( الطلاق مرتان فإمساك بإحسان أو تسريح بمعروف)[ البقرة: 229]. إلى أن قال: ( فان طلقها) يعني المرة الثالثة( فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فان طلقها) يعني الثاني ( فلا جناح عليهما) يعني الزوج الأول وزوجته التي طلقها ( أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون)[ البقرة: 230].

مسائل متفرقة في الطلاق :
· من حلف على طلاق زوجته كأن يقول علي الطلاق أن تأكل أن علي الطلاق إن خرجتي ونحو ذلك وأراد به الحض أو المنع فإن الطلاق لا يقع ويلزمه كفارة عن يمينه ، قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله : " ولكن إذا قال: علي الطلاق ألا أكلم فلانا، أو علي الطلاق ما تذهبي إلى كذا وكذا، أي زوجته، أو علي الطلاق ما تسافري إلى كذا وكذا، فهذا طلاق معلق، يسمى يمينا لأنه في حكم اليمين من جهة الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب، فالصواب فيه أنه إذا كان قصد منعها، أو منع نفسه، أو منع غيره من هذا الشيء الذي حلف عليه فيكون حكمه حكم اليمين، وفيه كفارة يمين "

· يصح للزوج أن يوكل في الطلاق .
· يقع بلفظ كل الطلاق أو أكثره أو عدد الحصى أو الريح ونحو ذلك ثلاث ولو نوى واحدة .
· إن طلق عضواً أو قال نصف طلقة ، فطلقة واحدة .
· إذا علق الطلاق على أمر مستحيل ل=كأن يقول إن طرتِ أو صعدت السماء ونحو ذلك ، لم يقع الطلاق ، وفي التعليق على أمر ممكن يقع .
· إذا علق الطلاق بالشرط كأن يقول إن قمت أو ذهبت فوقع الشرط فإن الطلاق يقع .

هذه بعض أحكام الطلاق ولم أراد الاستزادة فليراجع ، المغني لابن قدامة ، وحاشية الروض ، وفتاوى ابن باز ، واللجنة الدائمة .

والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

تعليقات

عدد التعليقات : 0