-
أنا شخص متزوج, وحدث أن ارتكب أحد الأبناء خطأً أثناء تكليفه من قبل
والدته بحمل بعض الأغراض للمنزل, وحين تدخلي لمعالجة الموقف حدث بيني وبين
والدته شجار؛ مما جعلني أغضب من تصرفها, فقلت أثناء غضبي ما نصه: لعن الله
من أعطاك! وقد ندمت على ذلك ندماً شديداً, وأنا لست ممن يستعمل هذه الكلمة
الخطأ والخاصة بالشيطان, ولا حتى مع أولادي ولا مع زوجتي, ولكن لحظة
أفقدتني فيها غضبي فقلت هذا الكلام, فهل عليّ إثم في علاقتي الزوجية بزوجتي
من الناحية الشرعية؟
-
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله
وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فلا شك أن هذا الكلام منكر من القول
ومعصية كبيرة، فالواجب عليك التوبة إلى الله منها؛ لأنها سب وشتم لا يليق
منك، وقولك: لعن الله من أعطاك، هذا خطره عظيم؛ لأن هذا قد يعود إلى الله
الذي أعطى، فهذا منكر شنيع، وإذا قصدت بذلك الرب فهذه ردة عن الإسلام،
فالواجب عليك التوبة إلى الله، ومن تاب، تاب الله عليه، عليك التوبة والندم
والإقلاع والعزم ألا تعود في ذلك، وعليك الاستكثار من العمل الصالح وأبشر
بالخير، إن شاء الله، من تابَ تاب الله عليه، يقول الله سبحانه: {قُلْ يَا
عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ
رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ
الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (الزمر: 53)، ويقول سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى
اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
(النــور 31)، فمن تاب أفلح، فعليك التوبة إلى الله والندم والإقلاع
والاستكثار من العمل الصالح وأبشر بالخير إن شاء الله، وزوجتك معك ولا يضر
ذلك من جهة النكاح، وقد قال سبحانه فيمن أشرك وفيمن قتل ولده وزنى، قال جل
وعلا: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ وَلا
يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا
يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثامًا (68) يُضاعَفْ لَهُ
الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهانًا} (الفرقان: 68-69)،
يعني المشرك والقاتل والزاني، ثم قال: {إِلاَّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ
عَمَلًا صالِحًا فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ
وَكانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } (الفرقان: 70)، فنسأل الله أن يمن عليك وعلى كل مسلم بالتوبة، ونسأل الله أن يعيذك من العود إلى مثلها.
المفتي : عبدالعزيز ابن عبدالله بن باز -رحمه الله-