قوله تعالى {إِنْ
يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ
ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ
الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران: 160]
وأصل الخذلان: الترك والتخلية .. قال محمد بن إسحاق في هذه الآية: "إن ينصرك الله فلا غالب لك من الناس ولن يضرك خذلان من خذلك وإن يخذلك فلن ينصرك الناس .. أي: لا تترك أمري للناس، وارفض الناس لأمري"والخذلان: أن يخلي الله تعالى بين العبد وبين نفسه ويكله إليها .. والتوفيق ضده؛ أن لا يدعه ونفسه ولا يكله إليها، بل يصنع له ويلطف به ويعينه ويدفع عنه ويكلأه كلاءة الوالد الشفيق للولد العاجز عن نفسه ..
فمن خلى بينه وبين نفسه، هلك كل الهلاك ..
ولهذا كان من دعائه ".. يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين"
[رواه النسائي وحسنه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (661)]
فإن قيل فما ذنب الشاة إذا خلى الراعي بين الذئب وبينها؟ وهل يمكنها أن تقوى على الذئب وتنجو منه؟
قيل: لعمر الله إن الشيطان ذئب الإنسان، ولكن لم يجعل الله لهذا الذئب اللعين على هذه الشاة سلطانًا مع ضعفها ..
فإذا أعطت بيدها وسالمت الذئب ودعاها فلبت دعوته وأجابت أمره ولم تتخلف،
بل أقبلت نحوه سريعة مطيعة وفارقت حمى الراعي الذي ليس للذئاب عليه سبيل
ودخلت في محل الذئاب الذي من دخله كان صيدًا لهم ..
فهل الذئب كل الذئب إلا الشاة؟
فكيف والراعي يحذرها ويخوفها وينذرها وقد أراها مصارع الشاة التي انفردت عن الراعي ودخلت وادي الذئاب؟!
وقد حذر الله سبحانه آدم من ذئبه مرة بعد مرة، وهو يأبى إلا أن يستجيب له إذا دعاه ويبيت معه ويصبح ..
{وَقَالَ
الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ
الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ
مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا
تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا
أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ
إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [إبراهيم: 22]
تعليقات
إرسال تعليق