ما رأي سماحتكم في مسألة العذر بالجهل وخاصة في أمر العقيدة؟ وضحوا لنا هذا الأمر، جزاكم الله خيراً.
العقيدة
أهم الأمور، وهي أعظم واجب، وحقيقتها الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله
واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، والإيمان بأنه سبحانه هو مستحق العبادة،
والشهادة له بذلك، وهي شهادة أن لا إله إلا الله، يشهد المؤمن بأنه لا
معبود حق إلا هو سبحانه وتعالى، والشهادة بأن محمداً رسول الله، أرسله الله
إلى الثقلين الجن والإنس، وهو خاتم الأنبياء، كل هذا لا بد منه، وهذا من
صلب العقيدة، فلا بد من هذا في حق الرجال والنساء جميعاً، وهو أساس الدين
وأساس الملة، كما يجب الإيمان بما أمر الله به ورسوله من أمر القيامة
والجنة والنار والحساب والجزاء ونشر الصحف، وأخذها باليمين أو بالشمال،
ووزن الأعمال إلى غير ذلك مما جاءت به الآيات القرآنية والأحاديث النبوية،
فالجهل بهذا لا يكون عذراً، بل يجب على المؤمن أن يعلم هذا وأن يتبصر فيه،
ولا يعذر بقوله: إني جاهل بهذا! وهو بين المسلمين وقد بلغه كتاب الله وسنة
الرسول عليه الصلاة والسلام، هذا يسمى معرضاً ويسمى غافلاً ومتجاهلاً لهذا
الأمر العظيم، فلا يعذر، أما من كان بعيداً عن المسلمين في أطراف البلاد
التي ليس فيها مسلمون، ولم يبلغه القرآن ولا السنة فهذا معذور، وحكمه حكم
أهل الفترة، إذا مات على هذه الحالة حكمه حكم أهل الفترات الذين يُمتحنون
يوم القيامة، فمن أجاب وأطاع الأمر دخل الجنة، ومن عصى دخل النار، أما
المسائل التي قد تخفى في بعض الأحيان على بعض الناس كبعض أحكام الصلاة أو
بعض أحكام الزكاة أو بعض أحكام الحج، هذه قد يعذر فيها بالجهل ولا حرج في
ذلك؛ لأنها تخفى على كثير من الناس وليس كل أحد يستطيع الفقه فيها، فهذه
المسائل أمرها أسهل، والواجب على المؤمن أن يتعلم وأن يتفقه في الدين ويسأل
أهل العلم، كما قال الله سبحانه: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن
كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (43) سورة النحل، ويروى عنه عليه الصلاة والسلام
أنه قال لقوم أفتوا بغير علم: (ألا سألوا إذ لم يعلموا، إنما شفاء العي
السؤال)، وقال عليه الصلاة والسلام: (من يرد الله به خيراً يفقهه في
الدين)، فالواجب على الرجال والنساء من المسلمين التفقه في الدين والتبصر
والسؤال عما أشكل، وعدم السكوت عن الجهل وعدم الإعراض وعدم الغفلة، لأنهم
خلقوا ليعبدوا الله ويطيعوه سبحانه وتعالى، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالعلم،
والعلم لا يحصل هكذا من دون طلب ولا سؤال!! لا بد من طلب العلم ولا بد من
السؤال لأهل العلم، حتى يتعلم الجاهل.